اعلن لويس إنريكي فى محاولة للدفاع عَنْ حارس مرمى فريقه، جيانلويجي دوناروما: «دوناروما فعل ما طلبته منه». وكان دوناروما قد تم إيقافه مباراتين بسـبب خشونته الواضحة اثناء التحام تسبب فى طرده فى المباراه التى انتهت بفوز فريقه 2- صفر فى ستاد لوهافر الأحد الماضي، لكن المدير الفنى الإسباني كان حريصاً على عدم الحديث عَنْ هذه العقوبة، وقال: «أنا مـن يطلب مـن حارس المرمى تقديم المساحة الخالية، وتسير الامور على ما يرام فى معظم الأحيان. وعندما لا يحدث ذلك، فهذه مشكلتي أنا».
واضطر لويس إنريكي الي الدفـاع عَنْ حارس مرمى فريقه مرات عدة اثناء الأسابيع الاخيره. صحيح ان الأخطاء التى ارتكبها الحارس الإيطالي امام ريمس وموناكو لم تؤثر كثيراً على نتيجه المباراتين، لكن تعامله الخاطئ مع تسديدة ألكسندر إيزاك امام نيوكاسل كلف باريس سان جيرمان نقاطاً ثمينة فى دورى أبطال أوروبا. فى الحقيقة، لم يكن تكرار الأخطاء هو الذى يدعو للقلق، بل تنوع هذه الأخطاء أيضاً.
لقد أظهر دوناروما أكثر مـن مرة ان الأداء القوي الذى يقدمه بينما يتعلق بالتصدي للتسديدات والهجمات سرعان ما يفسده بسـبب فشله فى التعامل مع الكره بقدميه بشكل جيد. لقد قدم الحارس الإيطالي أداء قويا امام إنجلترا فى المباراه النهائيه لكأس الأمم الأوروبية 2020 وتصدى لركلتي ترجيح، وهو الامر الذى جعله يحصل على جَائِزَةٌ افضل لاعـب فى البطولة. إنه رائع فى التصدى للتسديدات – تصدى لست فرص محققة امام ريمس الشهر الماضي؛ وهو ما دفع مدير فني ريمس ويل ستيل الي القول ساخراً بأن حارس المرمى الإيطالي «يمكنه التصدى لصاروخ» – لكنه يفتقر الي الثقة فى التعامل مع الكره بقدميه، وهو ما ظهر جلياً فى الطريقة التى فقد بها الكره امام كريم بنزيمة فى دورى أبطال أوروبا العام الماضي.
وقال كريستوف لوليتشون، مدير فني حراس المرمى السابق فى تشيلسى والذي يمتلك خبرات كبيرة فى هذا المركـز: «لم يكن دوناروما يشعر بالراحة أبداً بينما يتعلق باللعب بقدميه. علاقته بالكرة ليست طبيعية وهناك مشكلة حقيقية فى الطريقة التى يفسر بها التعليمات. ومع ذلك، فإن لويس إنريكي لديه توقعات كبيرة فى هذا الصدد. لا يزال بإمكانك الشعور بوجود نوع مـن المشكلات فى اختياراته وسرعة اتخاذه للقرار».
وحتى امام ريمس الشهر الماضي، وهي المباراه التى قدم خلالها دوناروما أحد افضل مستوياته على الإطلاق بقميص باريس سان جيرمان، مرر الحارس الإيطالي الكره مباشرة الي لاعـب ريمس، أزور ماتوسيوا. لقد مرّ هذا المخالفة دون عقاب، لكنه لم يكن محظوظاً بالقدر نفسه امام موناكو، عندما قدم تمريرة مثالية لتاكومي مينامينو، الذى لم يتردد فى وضع الكره دَاخِلٌ الشباك.
قد يكون دوناروما حارس مرمى شاباً، لكنه لا يمتلك متطلبات حارس المرمى فى كرة القـدم الحديثة بينما يتعلق بالهدوء والفاعلية فى تمرير الكره بقدميه. وحتى عندما لا يضطر الي ارتكاب مخالفات، فإنه لا يمتلك القدرة على تمرير الكرات التى تخترق خطوط المنافسين، وهي الميزة التى يتمتع بها حراس مرمى آخرون على مستوى النخبة. وقال دوناروما فى وقت لاحق مـن هذا العام عندما سُئل عَنْ الصعوبات التى يواجهها فى لعب الكره مـن الخلف: «اللعبة اليـوم مختلفة عما كانـت عليه فى السابق». مـن الممكن ان نتوقع سماع مثل هذا التصريح مـن لاعـب مخضرم، وليس مـن لاعـب يبلغ مـن العمر 24 عاماً، حتـى لو كان دوناروما قد لعب أول مباراة له مع النادي الاول وهو فى السادسة عشرة مـن عمره.
يقول دوناروما إنه يريد الي التحسن فى جميع جوانب اللعبة. لقد أصبح هذا واضحاً بالفعل اثناء الأسابيع الاخيره، لكن مـن الواضح للجميع ان نقطه الضعف الكبرى فى أداء الحارس الإيطالي ترتبط بتعامله مع الكره بقدميه. وعندما طُرد دوناروما امام لوهافر، حصل حارس المرمى البديل أرناو تيناس على فرصة اللعب وقدم أداءً مثيراً للإعجاب. لقد تخرج تيناس فى أكاديمية برشلونه للناشئين (لا ماسيا) دون ان تتاح له فرصة اللعب لبرشلونة، لكنه أثار إعجاب لويس إنريكي عندما تدرب مع النادي الاول. انتقل تيناس الي باريس سان جيرمان اثناء الصيف الماضي، وفي اثناء غياب كيلور نافاس عَنْ الملاعب بداعي الإصابة، لم يكن الحارس الشاب ليضيع هذه الفرصة. لم يكتف الحارس البالغ مـن العمر 22 عاماً بالتصدي لتسديدات حاسمة مـن ياسين كشتا ومحمد بايو ونبيل عليوي فحسب، لكنه بدا أكثر هدوءاً مـن دوناروما بينما يتعلق باللعب بالقدمين.
وبالنسبة للويس إنريكي، يعد بناء الهجمات بشكل جيد مـن الخلف للأمام شيئا أساسياً، وبالتالي فإن حقيقة ان حارس المرمى الثالث فى النادي يفعل ذلك بشكل افضل مـن دوناروما يجب ان تكون شيئاً مثيراً للقلق. وقال لويس إنريكي بعد المباراه التى انتهت بفوز فريقه بهدفين دون رد: «إنه يتأقلم بشكل مثالي مع فكرة كرة القـدم التى تمتلكها الفرق التى تريد بناء الهجمات مـن الخلف». إن الأداء القوي الذى قدمه تيناس يجعلنا نطرح سؤالاً مثيراً للاهتمام: هل يتعين على باريس سان جيرمان ان يبدأ بحارس مرمى شاب لم يلعـب قط مع برشلونه ويتخلى عَنْ دوناروما، الفائز ببطولة كاس الأمم الأوروبية مع منتخـب بلاده والذي لعب أكثر مـن 400 مباراة؟
فى الحقيقة، ترتبط المعضلة الأساسية بما يريده لويس إنريكي أكثر. فهل قدرات دوناروما الهائلة بينما يتعلق بالتصدي للتسديدات والهجمات تفوق عيوبه؟ أم ان حارس المرمى الإيطالي يمثل عائقاً امام تصور لويس إنريكي المثالي لكرة القـدم؟ عندما عاد دوناروما الي ستاد «سان سيرو» الشهر الماضي فى دورى أبطال أوروبا، استقبلته جماهير ناديه السابق ميلان بأوراق نقدية مزيفة مكتوب عليها «دولار روما» – كناية عَنْ طمعه وتفضيله للأموال – فهذه الجماهير لم تسامحه على مراوغته وعدم توقعيه على عـقد جديد مع ميلان والانتقال الي باريس سان جيرمان فى صفقة انتقال حر براتب كثير. إن الأخطاء المتكررة التى ارتكبها دوناروما أعطت لويس إنريكي لمحة عما يمكن ان يقدمه اى حارس بديل آخر يجيد اللعب بقدميه، وهو الامر الذى قد يكون مكلفا لدوناروما!
* خدمة «الغارديان»